الأخبار والأنشطة

21 تشرين أول 2021
“صُنع في لبنان” يغطي 70% من السوق

تحتل أصناف ومنتجات جديدة رفوف السوبرماركت والمحلات التجارية المختلفة، في الفترة الأخيرة، مدموغة بشعار “صنع في لبنان”. ومن الطبيعي أن استفحال الأزمة الاقتصادية والمعيشية وتراجع القدرة الشرائية لدى اللبنانيين، تدفعهم لتعديل أولويات استهلاكهم والاتجاه صوب المنتجات المحلية التي تبقى أرخص ثمناً.

ولا شك أن هذا الأمر دفع المصنِّعين اللبنانيين إلى استحداث تصنيع منتجات جديدة لتلبية هذا الطلب المستجد، مستفيدين من تراجع استيراد أصناف معينة لإيجاد بدائل محلية الصنع لها، مع الحفاظ بالطبع على الجودة، لأن المستهلك لن يشتري سلعة بجودة سيئة ويفضِّل الاستغناء عنها، إن أمكنه ذلك، على شرائها.

نائب رئيس جمعية الصناعيين زياد بكداش، يكشف، لموقع القوات اللبنانية الإلكتروني، عن أن “المنتجات اللبنانية باتت توازي ما نسبته 65 إلى 70% تقريباً من السوق الاستهلاكي في لبنان، بعد تدني فاتورة الاستيراد، وهذا عنصر صحيّ للاقتصاد، لأن الجميع يعلم أن بلداً لا توجد فيه صناعة يعني لا نموّ فيه”.

ويلفت، إلى أن “هناك سببين حدَّا من إمكانية رفع هذه النسبة أكثر: الأول يعود إلى تراجع القدرة الشرائية لدى المواطنين بنسبة 60 إلى 70%. بالإضافة إلى السنتين الصعبتين اللتين مررنا بهما لناحية تأثير جائحة كورونا على الاقتصاد اللبناني، أسوة بسائر اقتصادات العالم”.

وبالنسبة لحجم التصنيع، يؤكد بكداش أن “الصناعات الغذائية والاستهلاكية ارتفعت معدلات انتاجها ومبيعاتها بنسبة تتراوح ما بين 20 إلى 30% بحسب الأصناف والسلع”، مضيفاً أنه “لا يمكن إعطاء أجوبة دقيقة بالنسبة لقطاعات الانتاج الأخرى، إلى حين العودة إلى حياة طبيعية نسبياً في ما يتعلق بمسألة كورونا”.

ويلفت، إلى أننا “بدأنا نلاحظ تحسناً ما على صعيد أزمة كورونا، منذ نحو شهرين، بعكس سنة 2020 التي كانت سيئة جداً بالنسبة لمعظم القطاعات الإنتاجية، ما عدا أدوات التنظيف والتعقيم والمواد الغذائية، إذ إن المبيعات كانت تراجعت 60 إلى 70%”.

ويضيف، “هناك اليوم أصناف جديدة في الأسواق، وعملية إنتاجها تتم عبر: إما خطوط إنتاج جديدة، أو معدَّلة. بمعنى أنه بالنسبة لمصنع لديه خطوط إنتاج لتصنيع سلعة معينة مثلاً، يمكنه تصنيع سلعة أخرى أو مشابهة على الخطوط ذاتها مع تعديلات بسيطة. والمستهلك يلاحظ ذلك في الأسواق، بما يتعلق بمواد التنظيم والتعقيم مثلاً”.

أما بالنسبة لبقية الأصناف، يوضح بكداش أن “هناك خطوطاً جديدة لإنتاج الشوكولا والبسكويت والوايفر. فمثلاً لم يكن هناك تصنيع للشوكولا الـTablet، في حين بات اليوم موجوداً في الأسواق. وكذلك أصبح لدينا 4 مصانع تُنتج الكمامات”.

ويضيف، “في الفترة الأولى لتفشي جائحة كورونا وصلنا إلى وقت كانت الكمامة الطبية الواحدة تباع بسعر العلبة الكاملة، إلى حين بات لدينا 4 مصانع لإنتاجها بماكينات أوتوماتيكية بالكامل. والأهم بات لدينا شركتان تصنّعان ماكينات التنفس المستعملة في المستشفيات، من دون المنازل، إذ إن الأخيرة لا تزال تُستورد من الخارج بسبب تدني أسعارها هناك”.

ويؤكد بكداش، على أنه “بالرغم من تراجع القدرة الشرائية لدى معظم المستهلكين اليوم، على أمل تحسنها في أسرع وقت، فمستقبل الصناعة اللبنانية يبشِّر بالازدهار، شرط أن (تحلْ عنا) الحكومات المتتالية. لأن المسؤولين والممسكين بالقرار كلما رأوا قطاعاً ينمو ويزدهر، يقومون بضربه”.

ويضيف، “كما ضربوا القطاع السياحي، والمصرفي، والتربوي، والاستشفائي، والزراعي، ينقضون اليوم على القطاعات الصناعية”، لافتاً إلى “محاولات البعض المتكررة لتهريب الكابتاغون عبر البضائع والمنتجات اللبنانية إلى مختلف الدول الخليجية والعربية، لكن خصوصاً إلى المملكة العربية السعودية التي تشكل أحد أهم وأكبر الأسواق للصادرات اللبنانية بمبلغ قد يصل إلى نحو 300 مليون دولار سنوياً، فضلاً عن دول الخليج الأخرى. وهذه المسألة الحيوية للصناعة والمنتجات اللبنانية لا تزال من دون أي معالجة، على الرغم من كل وعود المسؤولين الطنانة التي سمعناها ولا نزال حول العمل لاتخاذ إجراءات صارمة ووضع حد للمهربين وتوقيفهم”.

وإذ يتساءل بكداش، “عمّا لو كان هناك مخطط مدروس ينفِّذه البعض لضرب كل القطاعات الصناعية والإنتاجية وتسويتها بالأرض”، يؤكد أننا “كصناعيين لن نستسلم لهذا الواقع، بل على العكس، نحن ثابتون في أرضنا ومثابرون ولن نترك بلدنا. ونأمل ألا يضعوا في طريقنا العراقيل والعقبات لضرب الصناعة اللبنانية، لأن الصناعة من أبرز علامات النمو في أي بلد”.

 

ويشير، إلى أن “الأزمة المعيشية دفعت المستهلك اللبناني لطلب المنتجات اللبنانية أكثر، ونلاحظ استحساناً لدى معظم المستهلكين لنوعية المنتجات وجودتها العالية، وكثيرون منهم يتمنون لو اعتمدوا المنتج اللبناني منذ وقت طويل”.

ويضيف، “من المحزن أنه لو كانت لدى المواطن اللبناني ثقة بالمنتَج الوطني اللبناني المصنَّع محلياً منذ 15 سنة تقريباً، أؤكد أننا ما كنا وصلنا إلى ما نحن فيه من انهيار. مع الشكر للمواطنين على ثقتهم التي تمكنّا من الحصول عليها، خصوصاً أن غالبية المنتجات اللبنانية تضاهي بجودتها تلك العالمية”.

وفي السياق، يشدد نقيب مستوردي المواد الغذائية هاني البحصلي، عبر موقع “القوات”، على أن “ازدياد نسبة الأصناف المنتجة محلياً في الأسواق دليل عافية للاقتصاد الوطني، خصوصاً إذا كان بعضها يُصدَّر إلى الخارج أيضاً”.

لكن البحصلي يلفت، إلى “ضرورة الانتباه إلى أن هناك بعض الأصناف المستوردة لا يمكن استبدالها بمنتجات محلية، لأن لا قدرة لدينا على إنتاجها”، مشيراً إلى أن “هناك أصنافاً تُعلَّب محلياً لكن المواد الأساسية تستورد من الخارج، مثل الحبوب وغيرها”.

وإذ يرحِّب البحصلي “بالصناعات والمنتجات المحلية الجديدة في الأسواق”، لكنه يعتبر أن “الأمر ربما يبقى ضمن حدود معينة، إذ من سيقوم اليوم في الأوضاع الحالية المعروفة، باستثمار مئات ملايين الدولارات لإنشاء مصانع جديدة ضخمة؟”.

بالتالي، يضيف البحصلي، “ربما يمكن إنشاء صناعات جديدة صغيرة أو متوسطة الحجم، بغض النظر عن أن اليوم هو الوقت المناسب والفرصة الملائمة لتطوير صناعاتنا نظراً لانخفاض كلفة اليد العاملة والمصاريف التشغيلية”، لافتاً إلى أننا “لاحظنا وجود بعض الأصناف الجديدة من السكاكر والحلويات وغيرها، وهذا دليل عافية إيجابي لكنه لا يغطي الحاجة لصناعات لا يمكن إلا أن نستوردها، فمثلاً لا صناعات لحوم أو تونا لدينا تغطي حاجة السوق”.

ويكشف البحصلي، عن أن “فاتورة الاستيراد تراجعت بنسبة 50% عما كانت عليه العام 2019، وهذا عامل سلبي يدل على تراجع وانكماش الاقتصاد الوطني، إذ لا يقاس الأمر من ناحية توفير دولارات مع تراجع الاستيراد، بل يؤخذ لناحية انكماش الاقتصاد بمجمله”، مشدداً على أن “ظهور صناعات غذائية جديدة أمر جيد على صعيد الاقتصاد العام، لكن على مستوى تأمين حاجة اللبنانيين من المواد الغذائية المختلفة، علينا الاتكال، حتى الآن، على المواد المستوردة”.​

مقال للصحافي أمين القصيفي من موقع القوات اللبنانية نشر في 20.10.2021

من نحن

تطلّعاتنا هي تأمين عمل لائق ودخل مستدام ومستقر لضمان التنوع الصحي للمجتمع اللبناني والعمل على تشجيع الأفراد اللبنانيين على المساهمة الفعالة في بناء الأمة من خلال مؤسسات القطاع العام.