في بلد أنهكته الأزمات، يسطع بصيص أمل من خلال تجربة النقل المشترك التي بدأت تتوسّع تدريجياً على امتداد الأراضي اللبنانية. إنها ليست مجرّد باصات تسير على الطرقات، بل مشروع وطني ينمو بصمت ليعيد للمواطن كرامته على الطرق، ويمنحه وسيلة نقل حديثة، منظمة، وآمنة بتكلفة مقبولة.
منذ انطلاقتها الفعلية عام 2024، شكّلت باصات النقل المشترك خطوة نوعية في سبيل تحسين منظومة النقل العام. فالمواطن اللبناني الذي لطالما عانى من زحمة السير، وغياب وسائل النقل المنظمة، أصبح اليوم أمام بديل حضاري، يربط المناطق بعضها ببعض ويقدّم خدمة يومية بأسعار مدروسة ومسارات واضحة.
الخطوط التي بدأت بها التجربة كانت B1 وB2، وتغطي مسارات مهمّة تشمل: نهر الموت، الدورة، عين المريسة، الجامعة الأميركية، الكولا، العدلية، وسواها من المحطات الحيوية. هذه الخطوط ليست مجرد أرقام، بل شرايين جديدة تُضخّ فيها روح التنظيم والانضباط في بلد تعب من الفوضى.
والأهم، أن هذه المبادرة لم تعد محصورة في بيروت وضواحيها، بل تتجه اليوم نحو آفاق أوسع، وتفتح الباب أمام تساؤل لافت: هل ستصل هذه الباصات إلى مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت؟
جهات إعلامية محلية تداولت معلومات تفيد بأن السلطات المختصة بصدد فتح خط سير خاص لباصات الدولة – النقل العام، يتيح لها الدخول إلى مطار رفيق الحريري الدولي بصورة مباشرة، في خطوة تهدف إلى تسهيل حركة تنقّل الركاب من المطار واليه.
وبحسب ما تم تداوله، فإن هذا القرار يأتي في إطار جهود تخفيف الازدحام المروري عند مداخل المطار، وتوفير وسيلة نقل عامة منتظمة وميسّرة للمواطنين والمسافرين، خصوصاً في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة وارتفاع كلفة التنقل عبر السيارات الخاصة أو سيارات الأجرة.
نصر: المشروع قيد الدرس
أكد رئيس مصلحة سكك الحديد والنقل المشترك زياد نصر، في حديث لموقع “لبنان الكبير”، أنّ ما يتم تداوله حول دخول باصات النقل المشترك إلى مطار رفيق الحريري الدولي هو موضوع “قيد الدرس”.
وقال: “صحيح أن المشروع لم يُعلن رسمياً بعد، ولكن يمكن التأكيد أنّ العمل جارٍ عليه بجدية. نحن كإدارة، وبتوجيه من وزير الأشغال العامة والنقل، نضع الخطط اللازمة لتأمين خدمة نقل إلى المطار، وقد بدأنا بدراسة إمكان تنفيذها عملياً على الأرض”.
وأضاف: “النية موجودة، والخطوة حاصلة، إنما التنفيذ ينتظر اكتمال بعض الترتيبات اللوجيستية. نحاول حالياً تأمين نقطة توقف للباصات داخل المطار، بما يراعي حركة السير والسلامة وسلاسة تنقّل الركاب”.
ورداً على سؤال حول إمكان مواجهة المشروع بمعارضة من أصحاب المصالح الخاصة، لا سيما سائقو سيارات الأجرة العاملون ضمن حرم المطار، أجاب نصر: “في كل دول العالم، هناك نقل عام في المطارات إلى جانب سيارات الأجرة، ونحن لا نستهدف أحداً، بل نسعى الى تأمين خيار إضافي للركاب، يليق بلبنان، ويوفر لهم وسيلة نقل آمنة وفعّالة”.
المصدر: موقع لبنان الكبير