انطلق العام الدراسي في القطاع الرسمي متأخراً بأكثر من شهر، جراء إضراب روابط المعلمين للمطالبة بتحسين رواتبهم. وها هو الفصل الأول ينتهي مع نهاية العام الحالي بعطلة قسرية طويلة فرضها إضراب الروابط ليومين في الأسبوع، وعطلتي عيد الميلاد ورأس السنة.
للسنة الرابعة على التوالي يعيش التعليم الرسمي أسوأ مراحله. فالعام المنصرم انتهى بتخفيض المناهج وبامتحانات رسمية جرى إعدادها لمراعاة عدم تعلم طلاب القطاع الرسمي إلا نحو خمسين يوماً. وعاد وانطلق العام الدراسي الحالي بالمشكلات عينها التي خلفتها الأزمة المالية-الاقتصادية في لبنان، وتراجع دخل الأساتذة. لكن بخلاف السنوات السابقة التي تخللها التعطيل القسري لسنتين جراء تفشي وباء كورونا، وسنة ثالثة جراء الإضراب الطويل لروابط المعلمين، يعتبر العام الحالي عام انفجار الأزمة، وذلك بعد محاولات تأجيل الانفجار التربوي.
تبخر وعود الـ130 دولاراً
واقعياً، تعلم الطلاب أياماً معدودة منذ انطلاق العام الدراسي في النصف الثاني لشهر تشرين الأول. فقد انطلق التعليم متعثراً بسبب رفض الأساتذة مصادرة روابط المعلمين قرارهم في فك الإضراب. وبمعزل عن انقطاع أساتذة كثر عن التعليم، لم يتعلم الطلاب إلا في شهر تشرين الثاني. وافتتح شهر كانون الأول الحالي بانقطاع الأساتذة عن التعليم وبإضراب الروابط ليومين في الأسبوع.
وكان العام الدراسي قد انطلق بعد أكثر من شهر ونصف الشهر عن موعده الرسمي، بعدما تلقت روابط المعلمين الوعود بتحسين الرواتب. وفك الإضراب بعد إقرار المجلس النيابي الموازنة، التي لحظت منح الموظفين في القطاع العام راتبين إضافيين شهرياً كمساعدة اجتماعية. وتلقى الأساتذة وعداً من وزير التربية عباس الحلبي بتأمين منحة قوامها 130 دولاراً شهرياً من الجهات الدولية، شبيهة بمنحة الـ90 دولاراً في العام المنصرم. وفي ظل تمنع أساتذة كثر عن الذهاب إلى المدارس أو تنفيذ احتجاجات فردية وجماعية في العديد من الثانويات، بسبب رفض المساعدات والمطالبة بتصحيح الرواتب، أتى اعتراف وزير التربية بعدم القدرة على دفع الحوافز بالدولار، وأحدث بلبلة ستترك داعيات في بداية الفصل الثاني بعد عطلة الأعياد. فقد تبين أن تحويل أموال قرض البنك الدولي لتصبح حوافز للأساتذة أمر ليس سهلاً، بسبب العقبات القانونية والحاجة إلى تعديل قانون القرض في المجلس النيابي، الذي لا يلتئم للتشريع. هذا فضلاً عن شكوك كثيرة حول عدم مبالاة القوى السياسية بتعديل القرض وترك الأساتذة رهن الشروط المجحفة الحالية لترك التعليم وتصغير حجم القطاع.
تراجع عدد الطلاب
بدأ العام الدراسي مطلع العام الحالي متعثراً وانتهى مثل العامين اللذين سبقاه بالعمل على قوة الدفع الذاتي، أي تمرير الوقت وتأجيل الأزمات. وانطلق العام الحالي مثل الأعوام الثلاثة المنصرمة، لكن الأزمات تراكمت وتفاقم الوضع التعليمي للطلاب. وقد تدنى المستوى العلمي للطلاب. وسيظهر ذلك في التعليم الثانوي في الامتحانات الرسمية. فالطلاب الذين سيمتحنون الصيف المقبل هم الذين بدأوا مسيرتهم العلمية في صف البروفيه عقب اندلاع ازمة كورونا في العام 2020، وما لحقها من عطل وما تبعها من تعطيل جراء الأزمة المالية.
وحيال الأزمة التي يعيشها القطاع الرسمي تراجعت نسبة الطلاب بأكثر من 25 بالمئة فيه، بسبب عدم ثقة الأهل بالتعليم الرسمي في ظل الأزمة الاقتصادية المفتوحة. ومن بقي منهم في المدارس الرسمية باتوا على يقين أن العام الحالي سيكون مثل السابق وينتهي بتخفيض المناهج أكثر وبتسهيل الامتحانات الرسمية. أما المشكلة الكبرى فهي تراجع عدد الأساتذة بسبب الهجرة، وهناك تكتم حول هذا الموضوع.
الفاقد التعليمي كارثي
مصادر مطلعة في وزارة التربية أكدت أنه في لبنان لم يجر بحثاً حول الفاقد التعليمي باستثناء ما قامت به منظمة اليونيسكو، التي عرضت بعض الملاحظات المتعلقة بالمنطقة بشكل عام حول الموضوع، وليس متخصصاً بلبنان. علماً أن أغلب الدول أجرت ابحاثاً بعد جائحة كورونا لقياس الفاقد التعليمي. أما مشروع "كتابي" الممول من" الوكالة الأميركية للتنمية الدولية" فقد أجرى بحثاً لقياس الفاقد التعليمي حول بعض الكفايات لمواد اللغة العربية والأجنبية والرياضيات، وهناك تكتم شديد حول النتائج التي أتت بمجملها كارثية، كما أكدت المصادر.
وأضافت المصادر أن الفاقد في لبنان لا يقتصر على سنتين كباقي الدول، بل إن القطاع الرسمي يعيش السنة الرابعة من أزمته المستفحلة. وصحيح أن وزارة التربية وضعت، بالتعاون مع المركز التربوي للإنماء والبحوث واليونيسيف واليونيسكو والدول المانحة، خطة تعاف نفذته المدارس الصيفية. ووضع المركز التربوي بالتعاون مع اليونيسف ومشروع كتابي كتباً مساندة لخطة التعافي، جرى توزيعها على المدارس الرسمية للاستفادة منها في المدارس الصيفية، في محاولة لتعويض الفاقد التعليمي. لكن لا يمكن تنفيذ الخطط طالما أن العنصر الأهم فيها محطم، أي الأساتذة. فقد صدرت نصائح للدول خلال وضع خطط التعافي تتناول أهمية الأخذ بالاعتبار رفاه الأساتذة، لأنهم الحلقة الأهم في نجاح خطة التعافي. وهذا طبعا لم يؤخذ به في لبنان. بل العكس صحيح، بعدما بات الأساتذة يعيشون في الحضيض.
وتضيف المصادر بأن هناك شكوكاً حول أداء المسؤولين والأحزاب بما يتعلق بالتعليم الرسمي. فمن خلال تنيفذ خطة البنك الدولي لتقليص حجم القطاع العام، يتم ضرب القطاع التربوي الرسمي لمصلحة القطاع الخاص الذي تملكه الطوائف والأحزاب. اذ يحكى في أروقة الوزارة أن عدد الأساتذة والمعلمين الذين تقدموا بإجازة يتخطى الـ15 بالمئة، وهؤلاء بمعظمهم لن يعودوا إلى التعليم. علماً أن الذين وجدوا طريقاً للهجرة هم من الأساتذة المهرة وأصحاب الخبرات الكبيرة والطويلة في التعليم.
انطلق العام الدراسي في القطاع الرسمي متأخراً بأكثر من شهر، جراء إضراب روابط المعلمين للمطالبة بتحسين رواتبهم. وها هو الفصل الأول ينتهي مع نهاية العام الحالي بعطلة قسرية طويلة فرضها إضراب الروابط ليومين في الأسبوع، وعطلتي عيد الميلاد ورأس السنة.
للسنة الرابعة على التوالي يعيش التعليم الرسمي أسوأ مراحله. فالعام المنصرم انتهى بتخفيض المناهج وبامتحانات رسمية جرى إعدادها لمراعاة عدم تعلم طلاب القطاع الرسمي إلا نحو خمسين يوماً. وعاد وانطلق العام الدراسي الحالي بالمشكلات عينها التي خلفتها الأزمة المالية-الاقتصادية في لبنان، وتراجع دخل الأساتذة. لكن بخلاف السنوات السابقة التي تخللها التعطيل القسري لسنتين جراء تفشي وباء كورونا، وسنة ثالثة جراء الإضراب الطويل لروابط المعلمين، يعتبر العام الحالي عام انفجار الأزمة، وذلك بعد محاولات تأجيل الانفجار التربوي.
تبخر وعود الـ130 دولاراً
واقعياً، تعلم الطلاب أياماً معدودة منذ انطلاق العام الدراسي في النصف الثاني لشهر تشرين الأول. فقد انطلق التعليم متعثراً بسبب رفض الأساتذة مصادرة روابط المعلمين قرارهم في فك الإضراب. وبمعزل عن انقطاع أساتذة كثر عن التعليم، لم يتعلم الطلاب إلا في شهر تشرين الثاني. وافتتح شهر كانون الأول الحالي بانقطاع الأساتذة عن التعليم وبإضراب الروابط ليومين في الأسبوع.
وكان العام الدراسي قد انطلق بعد أكثر من شهر ونصف الشهر عن موعده الرسمي، بعدما تلقت روابط المعلمين الوعود بتحسين الرواتب. وفك الإضراب بعد إقرار المجلس النيابي الموازنة، التي لحظت منح الموظفين في القطاع العام راتبين إضافيين شهرياً كمساعدة اجتماعية. وتلقى الأساتذة وعداً من وزير التربية عباس الحلبي بتأمين منحة قوامها 130 دولاراً شهرياً من الجهات الدولية، شبيهة بمنحة الـ90 دولاراً في العام المنصرم. وفي ظل تمنع أساتذة كثر عن الذهاب إلى المدارس أو تنفيذ احتجاجات فردية وجماعية في العديد من الثانويات، بسبب رفض المساعدات والمطالبة بتصحيح الرواتب، أتى اعتراف وزير التربية بعدم القدرة على دفع الحوافز بالدولار، وأحدث بلبلة ستترك داعيات في بداية الفصل الثاني بعد عطلة الأعياد. فقد تبين أن تحويل أموال قرض البنك الدولي لتصبح حوافز للأساتذة أمر ليس سهلاً، بسبب العقبات القانونية والحاجة إلى تعديل قانون القرض في المجلس النيابي، الذي لا يلتئم للتشريع. هذا فضلاً عن شكوك كثيرة حول عدم مبالاة القوى السياسية بتعديل القرض وترك الأساتذة رهن الشروط المجحفة الحالية لترك التعليم وتصغير حجم القطاع.
تراجع عدد الطلاب
بدأ العام الدراسي مطلع العام الحالي متعثراً وانتهى مثل العامين اللذين سبقاه بالعمل على قوة الدفع الذاتي، أي تمرير الوقت وتأجيل الأزمات. وانطلق العام الحالي مثل الأعوام الثلاثة المنصرمة، لكن الأزمات تراكمت وتفاقم الوضع التعليمي للطلاب. وقد تدنى المستوى العلمي للطلاب. وسيظهر ذلك في التعليم الثانوي في الامتحانات الرسمية. فالطلاب الذين سيمتحنون الصيف المقبل هم الذين بدأوا مسيرتهم العلمية في صف البروفيه عقب اندلاع ازمة كورونا في العام 2020، وما لحقها من عطل وما تبعها من تعطيل جراء الأزمة المالية.
وحيال الأزمة التي يعيشها القطاع الرسمي تراجعت نسبة الطلاب بأكثر من 25 بالمئة فيه، بسبب عدم ثقة الأهل بالتعليم الرسمي في ظل الأزمة الاقتصادية المفتوحة. ومن بقي منهم في المدارس الرسمية باتوا على يقين أن العام الحالي سيكون مثل السابق وينتهي بتخفيض المناهج أكثر وبتسهيل الامتحانات الرسمية. أما المشكلة الكبرى فهي تراجع عدد الأساتذة بسبب الهجرة، وهناك تكتم حول هذا الموضوع.
الفاقد التعليمي كارثي
مصادر مطلعة في وزارة التربية أكدت أنه في لبنان لم يجر بحثاً حول الفاقد التعليمي باستثناء ما قامت به منظمة اليونيسكو، التي عرضت بعض الملاحظات المتعلقة بالمنطقة بشكل عام حول الموضوع، وليس متخصصاً بلبنان. علماً أن أغلب الدول أجرت ابحاثاً بعد جائحة كورونا لقياس الفاقد التعليمي. أما مشروع "كتابي" الممول من" الوكالة الأميركية للتنمية الدولية" فقد أجرى بحثاً لقياس الفاقد التعليمي حول بعض الكفايات لمواد اللغة العربية والأجنبية والرياضيات، وهناك تكتم شديد حول النتائج التي أتت بمجملها كارثية، كما أكدت المصادر.
وأضافت المصادر أن الفاقد في لبنان لا يقتصر على سنتين كباقي الدول، بل إن القطاع الرسمي يعيش السنة الرابعة من أزمته المستفحلة. وصحيح أن وزارة التربية وضعت، بالتعاون مع المركز التربوي للإنماء والبحوث واليونيسيف واليونيسكو والدول المانحة، خطة تعاف نفذته المدارس الصيفية. ووضع المركز التربوي بالتعاون مع اليونيسف ومشروع كتابي كتباً مساندة لخطة التعافي، جرى توزيعها على المدارس الرسمية للاستفادة منها في المدارس الصيفية، في محاولة لتعويض الفاقد التعليمي. لكن لا يمكن تنفيذ الخطط طالما أن العنصر الأهم فيها محطم، أي الأساتذة. فقد صدرت نصائح للدول خلال وضع خطط التعافي تتناول أهمية الأخذ بالاعتبار رفاه الأساتذة، لأنهم الحلقة الأهم في نجاح خطة التعافي. وهذا طبعا لم يؤخذ به في لبنان. بل العكس صحيح، بعدما بات الأساتذة يعيشون في الحضيض.
وتضيف المصادر بأن هناك شكوكاً حول أداء المسؤولين والأحزاب بما يتعلق بالتعليم الرسمي. فمن خلال تنيفذ خطة البنك الدولي لتقليص حجم القطاع العام، يتم ضرب القطاع التربوي الرسمي لمصلحة القطاع الخاص الذي تملكه الطوائف والأحزاب. اذ يحكى في أروقة الوزارة أن عدد الأساتذة والمعلمين الذين تقدموا بإجازة يتخطى الـ15 بالمئة، وهؤلاء بمعظمهم لن يعودوا إلى التعليم. علماً أن الذين وجدوا طريقاً للهجرة هم من الأساتذة المهرة وأصحاب الخبرات الكبيرة والطويلة في التعليم.
المصدر: المدن