الأخبار والأنشطة

25 أيار 2023
المنح معدومة..وإعفاء بعض الموظفين من القسط كارثي على الأهالي

اعتاد اللبنانيون بعد انتهاء الحرب على عدم مساءلة إدارات المدارس بخصوص الأقساط المدرسية. كانوا يدفعون بلا مساءلة وكانت الاعتراضات خافتة وفردية. فالممولون الأساسيون للمدارس الخاصة هم موظفو القطاع العام، الذين يتلقون منحاً تغطي إلى حدود تسعين بالمئة من القسط. بعد العام 2012 وإقرار غلاء المعيشة لموظفي القطاع العام بدأت تظهر اعتراضات الأهل إلى العلن. تفاقمت الأوضاع وصولاً إلى العام 2017 عندما أُقرت سلسلة الرتب والرواتب، وبدأت المدارس ترفع اقساطها. لاحقا، خفتت اعتراضات الأهالي في السنتين الأولى والثانية للأزمة الحالية، وعادت لتتجدد في العام الدراسي الحالي مع عودة المدارس إلى أسلوبها السابق بتكديس الأرباح، من خلال فرض مساهمات بالدولار على أهالي الطلاب.

القضاة والضباط يشتكون أيضاً
رغم ذلك لم تعانِ المدارس الخاصة من اضطرابات، نظراً لتوقف التعليم في المدارس الرسمية، ونزوح الطلاب من القطاع الرسمي إلى الخاص. لكن العام المقبل سيكون كارثياً بلا شك.  وقد سبق وصرّح وزير التربية عباس الحلبي ما مفاده أن بقاء الاضطراب في المدارس الرسمية سيؤدي إلى نزوح الطلاب إلى "المدارس الدكاكين". قصد بذلك النزوح إلى المدارس ذات المستوى التربوي السيء والرخيصة، نسبياً، التي سيختارها أهالي الطلاب لعدم بقاء أولادهم في منازلهم، كما حصل في العام الحالي. لكن هذه الحقيقة تشمل طلاب المدارس الخاصة التي دولرت أقساطها ولم تعد بمتناول جزء كبير من اللبنانيين.

وتشير رئيسة اتحاد لجان الأهل وأولياء الأمور في المدارس الخاصة لما الطويل إلى استياء كبير يعيشه أهالي الطلاب من الغلاء الفاحش للأقساط. وتؤكد أن الشكاوى التي تصلها يومياً من مختلف المناطق لا تقتصر على الموظفين العاديين والعسكريين، بل حتى من قضاة وأساتذة جامعيين وضباط ومدراء عامين. هذا فضلاً عن النقاشات التي تجريها لجان الأهل على وسائل التواصل الخاصة لعرض الخيارات الممكنة لنقل أولادهم من مدارسهم الحالية.

المنحة لا تكفي لشراء الهندام
وتشرح أن حجم المنح والمساعدات المدرسية التي تقدمها الدولة وصل في العام 2019 إلى نحو 900 مليون دولار. وكانت المنح تغطي حتى نحو تسعين أو مئة بالمئة من القسط المدرسي. وأولاد موظفي القطاع العام والعسكريين يشكلون نحو 40 بالمئة من طلاب المدارس الخاصة. أي أنهم ممولون أساسيون للقطاع الخاص.

لكن حالياً حجم المنحة المدرسية الممنوحة لهم لا تغطي ثمن القرطاسية أو الهندام المدرسي. ما دفعهم إلى بدء التفكير بنقل أولادهم إلى مدراس خاصة أرخص، طالما أن المدارس الرسمية كانت مقفلة، ولا حلول من الحكومة تنقذ التعليم الرسمي العام المقبل. عدا عن أن المدارس الخاصة ترفع أقساطها بطريقة جنونية، ولا تراعي ظروف الأهالي والموظفين، مما سيؤدي إلى تعزيز "المدارس الدكاكين". والمؤسف أن المسؤولين وإدارات المدارس لا يدركون أن انسلاخ الطلاب عن مدارسهم التاريخية، سيكون له تداعيات نفسية واجتماعية كارثية.

الإعفاء من القسط
وتضيف الطويل بأن "لجوء المدارس الخاصة إلى إعفاء فئات معينة من الموظفين من القسط المدرسي، كما حصل العام الفائت، لتدارك الكارثة الاجتماعية، له انعكاسات سلبية كبيرة هذا العام. فإعفاء فئة من الأهالي يؤدي إلى ارتفاع القسط على باقي الطلاب. والعام الفائت تحمل باقي أهالي الطلاب هذا الأمر، نظراً إلى أن دولرة الأقساط كانت بمستطاع جزء لا بأس به من الأهل. لكن مع رفع الأقساط وعدم تصحيح رواتب وأجور اللبنانيين ونفاذ المدخرات، بات يتعذر عليهم تحمل هذا الوضع. فإذا كان موظفو الفئات الوظيفية العليا لا يستطيعون تحمل القسط المدرسي، فما بالك بالموظفين العاديين؟ تسأل الطويل.

وتلفت إلى أن "سياسة الدعم والإعفاء لتخفيف العبء عن بعض الفئات أشبه بعلاج مريض السرطان بحبوب الباندول، لأن موظفي القطاع الخاص لا يستطيعون تمويل أقساط الموظفين العموميين. ولن يقبل أهالي الطلاب بتحمل أكثر من ثلاثين بالمئة من القسط كإعفاءات لتلك الفئات. ورغم هذه المصيبة لا الحكومة ولا وزارة التربية تدركان حجم المشكلة التي ستنفجر مع مطلع العام الدراسي المقبل. فإلى حد الساعة لا يوجد تحرك رسمي ولو هزيل لإنصاف أهالي الطلاب، ولا حتى النواب يتحركون في مناطقهم لوقف المهزلة الحالية. بل إن أهالي الطلاب متروكون لتعسف إدارات المدارس".

تراند الأقساط
المدارس الخاصة حددت أقساطها كـ"تراند" وليس على أسس علمية ودراسة الحاجة. أي أن القسط تحدد بالإيعاز والتشاور بين أصحاب المدارس، بتجاهل صارخ لحقوق أهالي الطلاب. وبدأت المسألة بأن بعض المدارس، التي ترتادها فئات اجتماعية محدودة، بتحديد أقساط مرتفعة جداً، ثم لحقتها باقي المدارس بتحديد أقساط مرتفعة وعشوائية. وفي هذا الإطار، تلفت الطويل إلى مشكلة حقيقة تتعلق بجودة التعليم. فعشوائية الأقساط تحت حجة دعم الأساتذة تتزامن مع طلب كبير من غالبية المدارس على الأساتذة الجدد. ما يشي بأن المدارس تريد الاعتماد على متعاقدين من الخريجين الجدد، لتخفيف الأعباء المالية. ما يؤدي إلى تراجع المستوى الأكاديمي للمدارس التي تذهب إلى هذه الخيارات. ورغم ذلك على أهالي الطلاب دفع الأقساط من دون مساءلة إدارات المدارس على هذه التفاصيل الأساسية.

أهالي الطلاب الذين يختارون دفع نحو 8 الاف دولار في مدرسة "الجالية الأميركية" في بيروت، أو نحو 7 الاف دولار في "الويل سبرينغ" و"لويس فاكمان"، أو نحو 6500 دولار في "الكوليج الدولية"، أو نحو 5 الاف دولار في "الكوليج بروتستانت" والمدارس الألمانية، لا يشبه وضعهم حال غالبية العائلات اللبنانية. ففي هذه المدارس الذائعة الصيت جزء بسيط من أهالي الطلاب يسأل عن حجم الأقساط وكيفية دفعها. وبالتالي هي ليست مقياساً أو عبرة لتحديد الأقساط. ورغم ذلك لسان حال غالبية المدارس لأهالي الطلاب هو: "أنظروا إلى أقساط هذه المدرسة الفلانية، ما زلنا أرحم منها عليكم".

المصدر: المدن

من نحن

تطلّعاتنا هي تأمين عمل لائق ودخل مستدام ومستقر لضمان التنوع الصحي للمجتمع اللبناني والعمل على تشجيع الأفراد اللبنانيين على المساهمة الفعالة في بناء الأمة من خلال مؤسسات القطاع العام.