الأخبار والأنشطة

23 آذار 2023
"التربية" إلى الاضمحلال: المنظمات الدولية لتعليم اللبنانيين.. والسوريين
فيما يواصل أساتذة التعليم الرسمي إضرابهم، رغم إرادة روابط المعلمين ووزارة التربية، ثمة أمور مريبة تحصل في وزارة التربية لناحية الجمعيات، التي بدأت تحل مكان الوزارة في تعليم الطلاب، أو لناحية رضوخ الوزارة لإرادة الدول المانحة بغية تعليم الطلاب السوريين، على حساب الطلاب اللبنانيين.

تخلي الوزارة عن التربية
في التفاصيل، ومع اتساع رقعة احتجاجات الأساتذة في التعليم الرسمي ورفضهم العارم للاتفاق الذي حصل بين الوزير عباس الحلبي وروابط المعلمين، بدأ مسار تخلي الوزارة عن دورها لصالح الجمعيات الأهلية أو للدول المانحة. وإذا كان الرضوخ لشروط الدول المانحة هدفه الحصول على المساعدات الخارجية، إلا أن ملف الجمعيات وراءه تورط بعض المسؤولين في الوزارة. فهذه الجميعات بدأت تحل مكان الوزارة بتعليم طلاب المدارس الرسمية، في وقت أن جميع المدارس مقفلة بسبب الإضراب. وتقوم باستخدام مباني المدارس الرسمية من خلال الحصول على موافقات خاصة من الوزارة، ومن دون أي رقابة عليها.
ووفق مصادر مطلعة، ثمة ازدحام للجمعيات التي تريد تعليم طلاب المدارس الرسمية، وذلك بالتعاون مع منظمات دولية تؤمن لها التمويل. وهذا من شأنه تسليم التعليم للجمعيات وتخلي الدولة عن مسؤوليتها في قطاع التربية. والمنظمات الدولية، التي ضغطت على وزارة التربية، بغية استكمال مشاريعها لتعليم الطلاب السوريين، باتت تتعاطى مع لبنان كما لو أنه لا وجود لوزارة التربية. فهي تذهب لعقد شراكات مع جمعيات أهلية لتعليم الطلاب في القطاع الرسمي وتستخدم المدارس الحكومية أيضاً. وهذا من شأنه ليس جعل الطلاب اللبنانيين لاجئين في بلدهم، تقوم بتعليمهم جمعيات أهلية، بل القضاء على التعليم الرسمي، تقول المصادر.

تعليم الطلاب السوريين
سبق وضغطت الدول المانحة على وزارة التربية، من أجل فتح أبواب المدارس لتعليم الطلاب السوريين. في المقابل رضخت الدول لمطالب الوزارة بتخصيص دعم ودفع بدل إنتاجية للأساتذة لتعليم الطلاب اللبنانيين. ابتزاز متبادل راح ضحيته جميع الطلاب في ظل رفض الأساتذة العارم لتلك البدلات ومواصلة إضرابهم. لكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل أدى إلى نزاعات بين الأساتذة. وبات الأساتذة في ملاك الدولة يشيرون إلى الأساتذة المتعاقدين مع وزارة التربية لتعليم الطلاب السوريين كأخصام لهم. فمن يعلم الطلاب السوريين لديهم امتيازات أفضل من أساتذة الملاك والمتعاقدين لتعليم الطلاب اللبنانيين. فهم لديهم بدل إنتاجية من اليونيسف ومن وزارة التربية، فيما الأساتذة الذي يعلمون الطلاب اللبنانيين لديهم بدل إنتاجية واحد. كما أن ساعة التعاقد مع اليونيسف لتعليم الطلاب السوريين هي بـ2.5 دولار، فيما ساعة التعاقد مع الوزارة بالليرة اللبنانية، لا تصل إلى دولار واحد، يشكو الأساتذة.

لا رقابة على التعليم
أما الفضيحة الكبرى التي بدأت تتكشف في ملف الجمعيات وتعليم الطلاب، ليس تكريس كانتونات على مستوى التعليم في القطاع الرسمي، وتعلم طلاب وبقاء آخرين بلا علم، بل تكريس خصخصة التعليم الرسمي لصالح الجمعيات، التي تستخدم المدارس الرسمية لتعليم الطلاب، كما أكدت المصادر.

وتضيف المصادر، أنه في الوقت الذي ما زالت المدارس الرسمية مقفلة بسبب إضراب الأساتذة، بدأت هذه الجمعيات بالحلول مكان الدولة. وهي لو كانت شاملة لكل المناطق ومن خلال عقود واضحة مع الوزارة، لكان يمكن السكوت عنها، لأن التعليم حينها سيكون شاملاً، حتى لو أن طلاب التعليم الرسمي سيكونون بحكم اللاجئين في دولتهم، تعلمهم الجمعيات الخيرية.
لكن ما يحصل أن جمعيات من هنا وهناك تستقدم التمويل الخارجي لتنفيذ مشاريع تعليم طلاب المدارس الرسمية في مناطق محددة. وهذا يكرس مبدأ الكانتونات، أسوة بالمبادرات المحلية التي تقوم بها الأحزاب لتمويل مدراء المدارس لتعليم الطلاب، من خلال تأمين بدل نقل للأساتذة. وتسأل المصادر: ماذا تعلّم هذه الجمعيات الطلاب وبأي مناهج؟ وما هي رقابة وزارة التربية عليها؟ وتجيب بأن لا علم لأجهزة الوزارة بها لأنها تحصل بتوقيع مدير عام.

التعليم في منزل المدير
وتضيف المصادر أن عمل هذه الجمعيات يقوم تحت حجج مختلفة منها "تقوية الطلاب" أو التعويض عليهم ما فاتهم من دروس. وتدفع لهم بالدولار. وإحدى هذه الجمعيات هي "الجمعية اللبنانية لدعم البحث العلمي" التي حصلت على موافقة مدير عام وزارة التربية عماد الأشقر لاستخدام الثانويات الرسمية في طرابلس، لتقديم برامج تقوية لطلاب المرحلة الثانوية، وحصلت على تمويل من مؤسسة الغرير في الإمارات العربية المتحدة، وتستهدف طلاب الثانوي في طرابلس. وتستعين هذه الجمعية بأساتذة التعليم الرسمي من خلال تأمين بدلات أتعاب بالدولار. أي أن الأساتذة أنفسهم الذين يرفضون بدلات الإنتاجية من وزارة التربية، يقبلون بتعليم الطلاب مع الجمعيات.

وملف الجمعيات لا يقل سوءاً عن إقدام مدراء مدارس وثانويات على الطلب من أهالي الطلاب مبالغ بالدولار لتعليم أولادهم في منازلهم. وثمة شكاوى تحقق فيها وزارة التربية عن طلب  بعض المدراء في الجنوب من أهل طلاب صفوف شهادة الثانوي دفع مبالغ بالدولار لتأمين أساتذة وتعليم أبنائهم في منزل المدير. ويحاول المدراء إقناع الأهالي بهذا الأمر تحت ذريعة تعليم أبنائهم ما فاتهم من دروس بسبب الإضراب، كي يكونوا جاهزين لإجراء الامتحانات الرسمية. 

المصدر: المدن

من نحن

تطلّعاتنا هي تأمين عمل لائق ودخل مستدام ومستقر لضمان التنوع الصحي للمجتمع اللبناني والعمل على تشجيع الأفراد اللبنانيين على المساهمة الفعالة في بناء الأمة من خلال مؤسسات القطاع العام.