هي معضلة "الفاليه باركينغ" أو مواقف السيارات التي غالباً ما ترتبط بفوضى وعشوائية وتسعيرات تتصاعد دورياً، بلا ضوابط ولا رقابة.
هذه التسعيرة التي تختلف باختلاف المناطق وإطارها الجغرافي وطبعاً مكان ركون السيارات، تحولت، الى حدّ ما، "فرصة استنسابية" للبعض لتحقيق الأرباح، بلا حسيب ولا رقيب.
والسؤال: من يحدد التسعيرة في الأساس؟ والأهم، إذا وقعت المخالفات هل من ملاحقات جدية ومحاسبة، منعاً للتمادي؟
صحيح أن خدمة "الفاليه باركينغ" سدّت في بعض الحالات الفجوة في عدم تأمين مواقف أو أمكنة مناسبة لركن السيارات، وباتت تشكل تدريجاً قطاعاً خدماتياً من الطراز الاول، ولا سيما في قلب العاصمة بيروت.
ولكن، رويداً رويداً، حلّت الفوضى أو ما يشبه "الفورة" في هذا القطاع، حتى باتت هناك شركات "شرعية" وأخرى "غير شرعية". وبالطبع، كانت "التسعيرة غير المنضبطة" هي المظهر الأول لهذه الظاهرة.
تقول أوساط معنية ومتابعة لملف "الفاليه باركينغ" لـ"النهار": "المشكلة في عدم حيازة كل الشركات الترخيص اللازم. من هذه النقطة، ينبغي أن تبدأ المعالجة".
وفق معلومات "النهار" ثمة تباين كبير في التسعيرات، إذ تبدأ التسعيرة، في بعض الاحيان، بـ600 الف ليرة لبنانية لتعلو حتى تراوح بين 20 دولاراً و30 دولاراً.
من يتحمل المسؤولية؟
تلفت الأوساط المعنية الى أن "الإنذارات الصادرة عن المحافظ مروان عبود تشكل محاولة مستمرة لضبط هذا الفلتان، ولا سيما في مواسم الاصطياف أو الأعياد، حين يستغل البعض هذه المناسبات لزيادة الأرباح، نتيجة الضغط عليهم"، وتتدارك: "يا للأسف، عدد من شركات الفاليه لا تلتزم التسعيرة المحددة، وهنا أيضاً ثمة دور ومسؤولية على المواطن نفسه".
عظيم، لكن قبل أن يُطلب من المواطن الحفاظ على حقوقه في هذا المجال، هناك دور رسمي على الجهات المعنية اتخاذه على صعيد ملاحقة المخالفين منعاً لتكرارها أو توسيعها.
خارج التصنيف
في رصد الأرقام، علمت "النهار" أن عدد الشركات التي تملك ترخيصاً هي بحدود 15 شركة، فيما هناك عدد كبير من الشركات الأخرى التي تعمل بلا تراخيص. وهذا الامر كفيل وحده بأن "تفلت" التسعيرة وتصبح الاستنسابية سيدة الموقف، وبالتالي أن يصبح القطاع بلا ضوابط ولا تنظيم.
وفي رقم تقريبي، هناك 70 شركة تقوم بخدمة "الفاليه باركينغ"، الى جانب المواقف التي تتوزع في أماكن "محورية" لتستوعب كميات كبيرة من السيارات، والتي بدورها تعتمد التسعيرة العشوائية أحياناً.
ولا شك في أن الأسعار تختلف باختلاف المناطق، فالتسعيرة خارج بيروت أقل منها داخلها، وفي المناطق التي تُصنّف سياحية، تعلو الفاتورة عن تلك التي تُعتمد في مناطق عادية.
واقعياً وعملياً، فإن الأسعار في مناطق مثل مار مخايل والجميزة ووسط بيروت، أو في البترون وجبيل هي لا شك أعلى مما هي عليه في مناطق مثل انطلياس وضبيه وغيرها.
والسؤال: هل من دور لوزارة السياحة في تنظيم هذا العمل أو أقله تحديد التسعيرة؟
تجيب مصادر في الوزارة "النهار" أن "لا شأن لوزارة السياحة بخدمة "الفاليه باركينغ". وفي الأساس، فإن هذا العمل يُعدّ خدمة، وهذه الخدمة تأتي في إطار الاقتصاد الحر والتنافس".
كذلك، تؤكد أوساط وزارة الداخلية لـ"النهار" أن لا صلاحية للوزارة في هذا الجانب، لافتة الى "ضرورة التمييز بين الفاليه باركينغ والبارك ميتر".
ولكن، بالعودة الى الوراء وتحديداً الى عام 2017، عمد وزير السياحة آنذاك أفيديس كيدانيان الى اتخاذ إجراء رسمي لتنظيم هذه الخدمة، وعمد أيضاً الى تحديد خط ساخن لتلقي شكاوى المواطنين ورصد المخالفين الذين يتجاوزون التسعيرة.
ولاحقاً، ضاع هذا التدبير الرسمي، وحلّ الفلتان مكان التنظيم بحجة الأزمة المالية وتضخم الأسعار، وصولاً الى اعتبار وزارة السياحة ومعها وزارة الداخلية غير معنيّتين بأي تدبير!