نتذكر في سنوات سابقة كيف كانت تُمنح التراخيص لجامعات خاصة على صورة البلد، حتى أن بعضها رُخص من دون معرفة مجلس التعليم العالي.
أدى ذلك الوضع في التعليم العالي إلى نشوء ما يسمى "النظام التجاري"، تسلق على حساب التعليم الجامعي التاريخي في لبنان وارتكب مخالفات أضرّت بالقطاع، لم تقتصر على بيع الشهادات إنما جعلت عدداً كبيراً من الطلاب رهائن للاستمرار في تبرير وجودها فجذبتهم بإغراءات الأقساط المخفوضة، خصوصاً وأن معظمها حاز تراخيص لاختصاصات ترتبط بالسوق والتجارة، من دون أن تُساءل هذه الجامعات، فبقيت من دون رقابة ولا تقويم، ولا تعنيها الجودة كشرط للمستوى الأكاديمي ومعاييره. ولعل ما شهدناه خلال السنوات الماضية من فضائح الجامعات التي سجلت آلاف الطلاب العراقيين أكبر دليل على المنحى التجاري الذي كرسته الممارسات المخالفة في التعليم العالي.
تعديل اسم كلية في الجامعة الأنطونية لا يعني ترخيصها وايضاً دمج كليات في جامعات أخرى، وإلغاء ترخيص الفرع الجغرافي للجامعة اللبنانية الفرنسية في كليمنصو، والترخيص لبرنامجي دكتوراه في الأميركية واليسوعية. وبالتدقيق في لائحة المراسيم يتبين أنها تفتح الطريق نحو ممارسات تقطع ما راكمته التجارب السابقة، وذلك على الرغم وجود أخطاء وثغر لكنها لا تلغي المسار الجديد للتعليم العالي.
لا خيار أمام وزارة التربية إلا بتكريس قواعد جديدة ترتكز على أسس قانونية لمنع المخالفات في التعليم العالي وإنهاء النظام التجاري وكسر هيمنته، ولا بأس إذا رفعت مشاريع مراسيم بإلغاء تراخيص فروع جامعات خالفت وتخطّت حدوداً غير مسموح بها. ولا خيار أيضاً إلا بفتح ملفات الجامعات التي تدور شبهات حول ممارساتها، فلا يمكن السماح بمنح شهادات غير مطابقة أكاديمياً، ولا بتسجيل طلاب في فروع واختصاصات لا وجود لأساتذة متخصصين فيها، ثم إخضاعها للتقويم لمعرفة مدى التزامها المعايير. والأهم أن يكون للمسار رافعة إصلاحية تواجه الضغوط.