يدور نقاش بين الأساتذة داخل رابطات التعليم الرسمي حول جدوى الالتحاق بالمدارس عند فتحها المقرر في 14 أيلول الجاري للبدء بالتحضيرات للسنة الدراسية الجديدة.
يظهر من نقاشات الأساتذة ومطالبهم أن التركيز ينصب على المشكلة المالية، فلا سجال جدّياً يظهّر الاختلافات حول مستقبل التعليم الرسمي واستمراريته، ما دامت الدولة مفلسة والحكومة ليست بوارد رفع الرواتب إلى السقف الذي يطالب به المعلمون. فإذا اشترطت الرابطات أو الأساتذة الذين قاطعوا التعليم خلال العام الماضي، وضع وزارة التربية خطة مسبقة للحوافز والتقدمات بمواعيد محددة، للالتحاق بالمدارس، يعني ذلك أنهم اتخذوا قراراً بتعطيل الدراسة وهم يعرفون أنهم يرفعون مطالبهم لدولة مفلسة ولسلطة لا تهتم بالتعليم الرسمي أو أقله تتركه لمصيره يغالب الأزمات.
تعطيل انطلاقة السنة الدراسية ليس لمصلحة المعلمين والرابطات، أقله البدء بأعمال التسجيل للحفاظ على استمرارية التعليم، ما دام المجال مفتوحاً للتحرك والمطالبة من دون أن تدفع المدرسة الثمن ويهجر تلامذتها، ولا يعني ذلك تأكيد حجة البعض بأن الانطلاقة ستكون متعثرة ما لم تكن خطة التقدمات واضحة، بل إن حماية التعليم الرسمي ومدارسه قد تكون أكثر جدوى لتحصيل الحقوق ونيل المطالب بالتدرج، كي لا ينهار الهيكل على رؤوس الجميع. أما الخطر الآخر، فيكمن في رفع شعارات تحمّل الأساتذة أكثر من قدراتهم وطاقتهم إن كان بمقاطعة التعليم أو محاصرة المدارس ما يؤدي إلى تفكك الهياكل النقابية. فلا مصلحة للأساتذة في ألا تكون هناك رابطات تؤدّي دورها وإن كان بمقدورهم تشكيل نواة على هامشها ولجان تسمح بتصويب أدائها من دون أن يؤدي ذلك إلى انقسامها.
يعرف الأساتذة أيضاً في ظل الأزمة الراهنة أن لا تمويل دولياً لهم هذه السنة كما حدث في السابق، وبالتالي تنحصر المعركة بتحسين أوضاعهم مع الحكومة لتأمين الحوافز التي يطالبون بها. وبينما يقتصر تمويل المانحين على دعم صناديق المدارس، يشكل البدء بأعمال التسجيل أساساً لتمويلها كي تتمكن المدارس من فتح أبوابها للتعليم ودفع كلفة التشغيل، وإن كانت الأموال تقدّم للمدراس التي تستوعب أكبر عدد من النازحين. وكي لا تتكرر تجربة العام الماضي بهجرة أعداد كبيرة من التلامذة، لا بد للمعلمين وهيئاتهم من بلورة مقاربة تسمح بتحصيل حقوقهم والأهم تحافظ على مدرستهم.