الأخبار والأنشطة

03 آب 2021
"المقاطعة المسيحية"

مع انطلاق تشكيل الحكومة المنتظرة و"المنقذة" بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلّف نجيب ميقاتي، يطرح المتابع لموضوع الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية الرئيس المكلّف لرئاسة الحكومة، والمشاورات لتشكيلها سؤالا أساسيا يتعلّق بالتركيبة السياسية للمجتمع اللبناني الطائفي: هل كان امتناع تكتّل "لبنان القوي" وتكتّل "الجمهورية القوية" عن تسمية الرئيس المكلّف في محله؟ وهل سيكون "الاستنكاف" عن المشاركة في الحكومة، اذا تشكلت، أو اعطائها الثقة في محله أيضاً؟

أولا: في حالة عدم التشكيل، سيكون الجميع، ومن الناحية السياسية في موقع الخاسر، والخاسر الأكبر العهد.

ثانياً: في حالة التشكيل، سيرتفع منسوب الأوكسيجين في رئتي الوطن "المنهار"، ولكن لن يكون ارتفاعه الى المستوى الطبيعي، ومانع ذلك، "عوارض" كثيرة، داخلية وخارجية، سياسية، اقتصادية، مالية... والأهم الأهم الفساد الذي أصبح معمماً، وانهيار منظومة القيم الأخلاقية- الاجتماعية في المجتمع اللبناني.

وبالعودة الى الامتناع و"الاستنكاف" الواردين أعلاه، لا بد من العودة الى العام 1992، حين جرت الانتخابات النيابية، ولأول مرة بعد العام 1972، وقاطعها المسيحيون... ومنذ ذلك الحين وحتى اليوم، ما زال اللبناني يسمع مترددة "استعادة حقوق المسيحيين."

من هذا الواقع الذي كان وما زال، هل تخدم "مقاطعة" تكتّل لبنان القوي وتكتّل الجمهورية القوية بالامتناع و"الاستنكاف"، استعادة هذه الحقوق؟ أم تعمل على "استعدائها"؟

صحيح أن النواب المسيحيون الذين سمّوا الرئيس المكلّف، لهم تمثيلهم الشعبي، ولكن ما هي نسبة أصوات هؤلاء النواب الى مجموع نواب التكتّلين؟ وكم تبلغ نسبة أصوات ناخبي النواب المشاركين من مجموع أصوات ناخبي نواب التكتّلين؟

وقياساً على ذلك يمكن أن يطرح السؤال التالي: لو لم يسمّ نواب كتلة التنمية والتحرير ونواب كتلة الوفاء للمقاومة، بأكثريتهم الشيعية الرئيس المكلّف، هل كان التكليف ليحصل؟ أم ان الاستشارات النيابية كانت ستعاد مرّة واثنتين ومرّات... حتى تحقيق الميثاقية في التسمية؟

تبقى ملاحظتان:

الأولى: باستثناء المحازبين والمؤيدين، فان اللبناني الذي يفتش عن دوائه وغذائه... لا يعير اهتماماً لهذا المؤيد أو ذاك الممتنع أو ذلك المستنكف. ولهذا، اذا كان باعتقاد قيادة التيار الوطني الحر أو قيادة القوات اللبنانية أن المواقف المتخذة من عملية تشكيل الحكومة ستزيد من الشعبية، وبخاصة في البيئة المسيحية، فهذا وهم.

الثانية: يشترك التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية في صفة تكتّليهما: لبنان "القوي"، الجمهورية "القوية". فأين مصادر القوة في لبنان: الوطن-الكيان، وفي الجمهورية: الدولة-المؤسسات؟ وأيضا هذا وهم.

 

سمعان سمعان

عضو الهيئة الادارية للابورا

من نحن

تطلّعاتنا هي تأمين عمل لائق ودخل مستدام ومستقر لضمان التنوع الصحي للمجتمع اللبناني والعمل على تشجيع الأفراد اللبنانيين على المساهمة الفعالة في بناء الأمة من خلال مؤسسات القطاع العام.