الأخبار والأنشطة

05 نيسان 2018
75 ألف طالب لن يلتحقوا بالجامعة اللبنانية
أكثر من 75 ألف طالب في الجامعة اللبنانية سيتعذّر عليهم الالتحاق في كلّياتهم، ومتابعة عامهم الجامعي على نحو طبيعي بعد انتهاء عطلة عيد الفصح. إذ أعلنَت رابطة الأساتذة المتفرّغين في «اللبنانية» الإضرابَ التحذيري طيلة الأسبوع الأوّل بعد العطلة. «وحتى يِمكِن ما نكفّي السنة»، وفق ما أكّده مصدر مطّلع لـ»الجمهورية»، مشيراً إلى «أنّ الأساتذة شبعوا وعوداً فارغة، وهم الوحيدون في القطاع الرسمي الذين تمَّ استثناؤهم من السلسلة».

لا الاتّصالات المكثفة ولا الإضراب لساعةٍ ولا ليومٍ واحد نفَع. عبثاً حذَّر أساتذة الجامعة اللبنانية مراراً من تدهور أوضاعِهم، وعبثاً أبدوا كلَّ حسنِ نيّة حيال الوعود التي تلقّوها، إلى أن وصلوا مع السلطة إلى حائط مسدود، فقرّروا عدم التدريسِ لأسبوعٍ كامل في 16 كلّية وثلاثة معاهد للدكتوراه في المجالات العلمية والصحية والطبّية والقانونية والأدبية والإنسانية، وذلك خلال مؤتمر صحافي عقدته رابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة في مقرها في بئر حسن أمس.

جوهر المشكلة

ليس فقط لأنّ مكانة القاضي تعزّزَت لناحية حصولِه على الدرجات الثلاث طفَح كيلُ متفرّغي الجامعة اللبنانية بالأمس، وفق ما يُحاول البعض الترويج. ولكنّ نقمة الأساتذة بدأت تتفاقم منذ تلمُّسِهم التدريجي لاستهداف الجامعة وضربِ خصوصيةِ الأستاذ فيها. وبعد دراسةٍ مقارنة قامت بها هيئة رابطة الأساتذة بين سلسلة رواتب الأساتذة مع سلاسل القطاعات الأخرى تبيَّن أنّ راتب أستاذ «اللبنانية» تراجَع بالمقارنة مع كافة هذه الشرائح، بعد أن كان راتبه هو الأعلى.

وما زاد الطين بلّة في نفوس الأساتذة قضيّة صندوق التعاضد والوعود الفارغة التي تلقّوها من الكتل النيابية والأحزاب. فرُغم أنّهم اعتصَموا في16/3/2017 بالتزامن مع انعقاد جلسة مجلس النواب لمناقشة سلسلة الرتب والرواتب، منبِّهينَ من عدم المساس بالصندوق، أقرّ المجلس المادتين 31 و33 من قانون السلسلة اللتين تهدّدان مصيرَ الصندوق وتقديماته.

ورغم أنّهم لجؤوا إلى الحوار مع المعنيين ووُعِدوا خيراً بقانون معجَّل مكرّر يَستثني صندوق تعاضد أفراد الهيئة التعليمية في الجامعة من أحكام هاتين المادتين، بقيَت الوعود حبراً على ورق.

نتيجة هذا الخلل، ناشدَت الرابطة المعنيّين، وحضّرت هيئتُها التنفيذية سلسلة رتبٍ ورواتب جديدة ورَفعتها إلى الحكومة عبر وزير التربية والتعليم العالي مروان حمادة، وكان الجواب «بأنّ أيّ زيادة ستُعطى للقضاة سوف تقترن حتماً بزيادةٍ مماثلة لأساتذة الجامعة اللبنانية» يقول د. محمد صميلي في حديث لـ«الجمهورية»، مضيفاً: «التطمينات نفسُها قُدّمت لرئيس الجامعة فؤاد أيوب من عدة مراجع في الدولة على اعتبار أنّ القضاة وأساتذة اللبنانية هما الفئتان الوحيدتان اللتان استثناهما قانون 46 من أيّ زيادة. ثمّ فاجأَنا المجلس النيابي في جلسته الأخيرة بأن منَح القضاة ثلاث درجات تعويضاً لهم عن التراجع في القدرة الشرائية لرواتبهم، فأصبح أساتذة الجامعة اللبنانية هم الفئة الوحيدة في القطاع العام الذين لم تُصحَّح رواتبُهم».

لإعادة التوازن

ويؤكّد د. صميلي بأنه «حين يُطالب بحقوق لأساتذة اللبنانية، فهو لا يُفرّق بين متقاعد ومتفرّغ ومتعاقد»، مبدِياً حِرص الهيئة على «إعادة التوازن إلى رواتب الأساتذة بعدما تآكلت نتيجة التضخّم الحاصل منذ إقرار السلسلة الأخيرة بالقانون الرقم 206 / 2012، ونتيجة سلّة الضرائب الجديدة التي أقرّها المجلس النيابي في أواخر العام 2017».

وردّاً على سؤال، كيف يمكن المقارنة بين راتب الأستاذ الجامعي والقاضي الذي لا يَعتبر نفسَه موظفاً إنّما سلطة، يجيب صميلي: «لأستاذ اللبنانية خصوصية لا يمكن تجاهُلها، فهو يُعلّم نِصف طلاب التعليم العالي في لبنان، وله سلسلة منفصلة عن القطاع العام، بصرف النظر عن موقع القاضي، ونحن أُلزِمنا بتحرّك سريع نتيجة الواقع المتدهور، وإن لم يتمّ التجاوب مع مطلبنا سنتّجه إلى التصعيد حتى الإضراب المفتوح رغم أنّنا منفتحون على أيّ نقاش».

وعود «بالجملة»

من جهته، يوضح أمين سر الهيئة التنفيذية في رابطة الأساتذة المتفرّغين إيلي الحاج موسى أنّه «تمّ اللجوء إلى الإضراب أسبوعاً كاملاً بعد إضرابات تحذيرية، ومنها توقيفُ الدروس لساعة. ولكنْ بلغَت الأمور خطّها الأحمر، خصوصاً بعد الوعود الفارغة التي تلقّيناها من أكثر من مرجعية سياسية ونوّابٍ ورؤساء كتل نيابية، بعدما كان الحديث في فلك التطمينات، وأنّ أساتذة اللبنانية لن يُحرَموا أقلّه من غلاء المعيشة في حال مُنِح القضاة تعزيزات معيّنة».

ويتابع متأسّفاً: «نشعر بالغبن، أقلّه فليَفِ المعنيون بسَيلِ الوعود التي أمطرونا بها بعد كلّ الإيجابية التي أظهرناها والصبرِ الذي تحلّينا به، وقد دُفِعنا للإضراب ولإيقاف التدريس أسبوعاً كاملاً».

ولفت الحاج موسى إلى أنّ «السلسلة التي حصل عليها الأساتذة العام 2011 قد أعطَت ما نسبتُه 84% كمعدّل وسَطي زيادةً على راتب الأستاذ الجامعي ولكن فرَضت في المقابل على الأساتذة زيادةً على أنصبة التدريس السنوية بمعدّل وسطي قدره 37.5 %. ذلك يعني أنّ الزيادة الفعلية على راتب الأستاذ لم تتعدَّ الـ46.5%، بالإضافة إلى أنّ «مؤشّر أسعار الاستهلاك زاد منذ كانون الثاني 2012 وحتى نيسان 2017 13.21%، ما يعني أنّ القدرة الشرائية لأساتذة اللبنانية إلى مزيد من التناقص». لذا فالدولة بكلّ مؤسساتها مدعوّةٌ «لتصحيح الخطأ والتعاطي بحسِّ المسؤولية تجاه أساتذتها وصرحِها الجامعي الرسمي الوحيد».

نوايا مشبوهة

مِن جهته، يأسف الدكتور علي رمال مِن تعمُّدِ البعض «إضعافَ الجامعة اللبنانية وإلى تسرّبِ خميرةِ أساتذتها وخريجيها للتدريس في الجامعات الخاصة التي تنمو كالفطريات، مستفيدةً من تهميش دورِ «اللبنانية» على المستويات كافة»، مشيراً إلى أنّ الجامعة اللبنانية بكلّياتها المختلفة، ولا سيّما الحقوقية، هي المكان الذي يكتسب فيه الطلّاب المبادئ والأصولَ القانونية، وينالون الشهادات التي تُخوّلهم الدخولَ إلى معهد القضاء، حيث يتلقّون العِلم أيضاً على يد أساتذة الجامعة». فاستغرب «كيف يُحرَم الأساتذة من الامتيازات التي ينعم بها طلّابهم!».

ويذهب رمال أبعد مِن ذلك، مؤكّداً أن لا حاجة لمقارنة الأستاذ الجامعي في «اللبنانية» بأحد، لأنّ له خصوصيةً، موضحاً: «في لبنان مفهومٌ خاطئ لترجمة مبدأ الرتب والرواتب، فحَمَلةُ الدكتوراه ليسوا كحَمَلةِ الديبلوم، فالتفضيل العلمي له علاقة بالراتب، من دون أن نقارن أستاذ اللبنانية بأحد فهو كادر في الدولة اللبنانية وله موقع اجتماعي وليس مجرّد موظف، إنّما إنسان منتِج للمعرفة المتجدّدة، وفي عملٍ دائم على الأبحاث، وكلّها أعمال غير وظيفية إنّما إبداعية، ولكن للأسف لا تتمّ مقاربة الأمور في لبنان على حقيقتها».

إلى ذلك، تعقد رابطة قدامى أساتذة الجامعة اللبنانية مؤتمراً صحافياً عند الحادية عشرة صباح الاربعاء المقبل (11 نيسان) تعرُض فيه موقفَها من تحرّكِ الأساتذة، وتعرض مضمونَ الدراسة التي تُظهر الحقوقَ المادية المكتسَبة لأساتذة الجامعة اللبنانية عامةً والمتقاعدين بخاصة.

الجمهورية

من نحن

تطلّعاتنا هي تأمين عمل لائق ودخل مستدام ومستقر لضمان التنوع الصحي للمجتمع اللبناني والعمل على تشجيع الأفراد اللبنانيين على المساهمة الفعالة في بناء الأمة من خلال مؤسسات القطاع العام.